صِفَةُ غُسْلِ المَيِّت وأحكامُه


تمهيد


قال تعالى: 
( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا سورة الإسراء

ومن هذا التكريم أن الاسلام اعتنى بشأن الإنسان، قبل ولادته وبعد وفاته، 

فشرع له أحكاما تصلح حاله وأموره في الحياة، 

وأحكاما أخرى للمؤمن تصلح حاله وأموره عند الممات وبعد الممات، 

ومن ذلك ما نعقل علته، وما لا نعقل علته.

فما هي الأحكام المتعلقة به 

- حالة احتضاره، 

- وحالة وفاته، 

- وما بعد وفاته؟


مايفعل بالمحتضر و الميت:


يشرع للمحتضر آداب، يقوم بها من حضره، 

منها ما هو 

- مندوب 

- ومباح 

- وممنوع

  • ★- فيندب ما يلي:

  • - تلقينه، كلمة التوحيد عند الموت، لحديث: 
  • « لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله ». (صحيح مسلم، باب تلقين الموتى لا إله إلا الله) - ولا يقال له: قل. 
  • - ورُخِّص في قراءة سورة يس عنده، لحديث معقل بن يسار، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: 
  • « وَاقْرَؤُوا عَلَى مَوْتَاكُمْ يس ». (صحيح ابن حبان، فصل في المحتضر). 
  • - وضعه في مكان وعلى فراش طاهرين، واستقبال القبلة به، ووجهه إلى القبلة، وإبعاد ما تكرهه الملائكة، 
  • - إغماض عينيه إذا قضى نحبه، وعدم اقتراب حائض أو جنب منه بإغماض أو غيره إن وجد غيرهما، وشد لحييه بعصابة تربط من فوق رأسه، وتليين مفاصله برفق، ورفعه عن الأرض على سرير خوف إسراع الهوام إليه، وستره بثوب ، 
  • - وضع شيء على بطنه خوف انتفاخه، وإحضَار طيب عنده. 
  • - حضور أحسن أهله وأصحابه خلقا وخلقا ودينا، وكثرة الدعاء له وللحاضرين، وإبعاد النساء لقلة صبرهن، وإظهار التجلد من الحاضرين.
  • - يندب غسل الميت من ماله

  • ★- ويباح ما يلي:

  • - يباح البكاء بالدموع وحدها دون صوت، حين الاحتضار وعند الموت، 
  • والتصبر أحسن لقوله تعالى:

البقرة الآية 154

البقرة: 154

  • أما بكاؤه صلى الله عليه وسلم على ولده إبراهيم، فإنه لبيان التشريع.

  • ★- ويحرم ما يلي:

  • - يحرم البكاء بصوت والصراخ والنياحة والقول القبيح عند الموت وبعده، لما فيه من السخط وعدم الرضا بالقضاء. 
  • - وأما ما كان بصوت من غير قول قبيح فهو جائز عند الموت، لا بعده. 

حكم تغسيل الميت وادابه:

أولا : وجوبه و شروطه:

  • يجب وجوبَ الكفايةِ غسلُ الميت تعبدا. 
  • وصفته كصفة الغسل في الجنابة. 
  • وله شروط أربعة: 
    • 1 - استقرار الحياة، 
    • 2 - التيقن من الموت
    • 3 - والإسلام، 
    • 4 - وعدم الشهادة في الحرب، 
    • 5 - ووجود كل الميت أو جله. 

  • المطلوب في غسل الميت الإنقاء دون تحديد.
    ويجب ستر عورة الميت عند تجريده للغسل، وهي من السرة إلى الركبة، ولو كان الغاسل زوجا. 
  • لا ندب في الواحدة، والثلاث أفضل، وما فوقها للحاجة، ولا إيتار بعد السابعة، وإنما المطلوب الإنقاء إن لم يحصل بها. 
  • وغسل الميت تعبد لا يحتاج إلى نية؛ لأنه من فعل الغير، والنية إنما تطلب فيما يفعله الإنسان بنفسه.

- ويستحب أن يكون في الأولى بالماء القراح للتطهير.

- والثانية بالماء والسدر للتنظيف،

- والثالثة بالماء والكافور للتطييب،

فإن فقد السدر فغاسول ونحوه، وإن عدم الكافور فغيره من الطيب. 

ويستحب عصر بطنه برفق إن احتيج إليه قبل الغسل،

مخافة تلطيخ الكفن، وللنظافة. 

ويستحب أن يُوَضَّأَ وضوءَ الصلاة، مرة مرة على المعتمد،

ولا يفتقر إلى نية لأنه فعل في الغير. 

ويكره قلم أظفاره وحلق شعره، فإن فعل به ذلك، أو سقط

شيء من جسده، ضم معه في كفنه. 

ثانيا : أحكام فيمن يغسِّل ومن يغسَّل



☆ - ان كان الميت فوق السابعة:

 

- فلا يغسل الرجل الا الرجل
- ولا المرأة الا نساء

 

ويكره لغير المغسل ومن يعينه حضور غسل الميت؛ لأنه يكره النظر إلى الميت إلا لحاجة ، ويستحب للحاضرين غض أبصارهم عنه , إلا من حاجة , وسبب ذلك أنه ربما كان بالميت عيب يكتمه , ويكره أن يطلع عليه بعد موته , وربما حدث منه أمر يكره الحي أن يطلع منه على مثله , وربما ظهر فيه شيء  فيحدث به.
ومنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: 

" من غسل ميتاً فكتم عليه غفر له أربعين مرة، ومن كفن ميتاً كساه الله من سندس وإستبرق الجنة، ومن حفر لميت قبراً وأجنه فيه أجري له من الأجر كأجر مسكن أسكنه إلى يوم القيامة ". 
وفي رواية: من غسل ميتاً فكتم عليه غفر له أربعون كبيرة.

    • يحق لكل من الزوجين غسل صاحبه، وأصله: 
    • - أن عليا غسل فاطمة، 
    • - وأن أبا بكر غسلته زوجته.

☆ - إن كانت امرأة ميتة  ولا نساء معها

  • 1 - إن كان مع الميتة رجل من محارمها غسلها، ويستر جسدها بثوب، من السقف إلى أسفل، ويصب عليها الماء، ويجعل خرقة غليظة على يده، ولا يباشرها بيده من فوق الثوب ولا من تحته.

  • 2 - المرأة تموت، لا نساء معها ولا محرم من الرجال، ييممها أحد الرجال في وجهها وكفيها إلى الكوعين.

☆ - إن كان  الميت رجل  ولا رجال معه: 
    • - إن كانت مع الميت امرأة من محارمه غسلته وسترت عورته فقط، ولفت على يدها خرقة كثيفة.
    • - الأجنبي الميت، إن لم يكن رجل ولا امرأة من محارمه، تيممه النساء في وجهه ويديه إلى المرفقين.

  • لا يغسل شهيد المعترك، ولا يصلى عليه، ويدفن بثيابه، ولا يزاد عليها، إلا أن تقصر عن الستر.

كيفية تغسيل الميت:


المسألة الأولى: تجريدُ الميِّتِ مِن ثيابِه
يُسَنُّ تجريدُ الميِّتِ من ثيابِه، 
والأدلَّة من السُّنَّة
عن عائشةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها، قالت: 
(( لَمَّا أرادوا غُسلَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، قالوا: واللهِ ما ندري: أَنُجَرِّدُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم من ثيابِه كما نُجَرِّدُ موتانا، أم نُغَسِّلُه وعليه ثيابُه؟  ))
دلَّ قولُهم: أَنُجَرِّدُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم مِن ثيابِه كما نُجَرِّدُ موتانا؛ أنَّ عادتَهم كانت تجريدَ موتاهم للغُسلِ في زَمَنِه صلَّى الله عليه وسلَّم
المسألة الثانية : نيَّة الغُسلِ
لا تجِبُ النيَّةُ في غُسلِ المَيِّت، وهو مذهَبُ الجُمهورِ
المسألة الثالثة: سَتْرُ عورةِ المَيِّت
يجبُ سَتْرُ عورةِ المَيِّتِ عند الشُّروعِ في غُسلِه، ولا يجوزُ النَّظَرُ إلى عَورتِه.
الأدلَّة:
أولًا: من السنَّةِ
عمومُ حديثِ أبي سعيدٍ الخُدْرِي رَضِيَ اللَّهُ عنه، أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: 
لا ينظُرُ الرَّجُلُ إلى عورةِ الرَّجُلِ، ولا المرأةُ إلى عورةِ المَرْأةِ )


المسألة الرابعة: عَصْرُ بَطْنِ الميِّت

- يُشْرَعُ أن يعْصِرَ الغاسِلُ بَطْنَ الميِّتِ عصرًا رفيقًا،لأنَّ المَيِّتَ في محَلِّ الشَّفَقة والرَّحمةِ. 
- ثم يَلُفَّ على يَدِه خِرقةً فيُنْجيه بها حتى لا يَمَسَّ عَوْرَتَه؛ لأنَّ النَّظَرَ إلى العورةِ حرامٌ؛ فاللَّمْسُ أَوْلى، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: 
أولًا: ليُخْرِجَ ما في بَطْنِه من نجاسةٍ
ثانيًا: حتى لا يَخْرُج بعد ذلك فيُلَوِّث الكَفَن  

 




المسألة الخامسة: مَسْحُ أسنانِ المَيِّت ومِنْخَريه وتنظيفُهما
يُسْتَحَبُّ أن يمسَحَ الغاسِلُ أسنانَ الميِّتِ ومِنْخَرَيه وينظِّفَهماوهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: 
ومن السُّنَّة
عن أمِّ عطيَّةَ نُسيبَةَ الأنصاريَّةِ رَضِيَ اللَّهُ عنها، أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال لهنَّ في غُسلِ ابنتِه: 
(( ابدأْنَ بمَيَامِنِها ومواضعِ الوُضوءِ منها  ))

المسألة السادسة: تَوضِئَةُ الميِّت
يُسَنُّ أن يُوَضِّئَ الغاسِلُ المَيِّتَ في أوَّلِ غَسَلاتِه؛ كوضوءِ حَدَثٍ، باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: 
والأدلَّة من السُّنَّة
عن أمِّ عطيَّةَ رَضِيَ الله عنها، قالت: قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لهنَّ في غُسْلِ ابنَتِه: 
(( ابدَأْنَ بِمَيامِنِها ومواضِعِ الوُضوءِ منها  ))
لأنَّ الوضوءَ يُبدَأُ به في غُسْلِ الحيِّ، فكذلك الميِّتُ

المسألة السابعة: غُسلُ الميِّت ُثلاثا:

☆ - ويستحب كما قلنا أن يكون في الأولى بالماء القراح للتطهير.

- والثانية بالماء والسدر،لأنَّ المقصودَ من الغُسْل التنظيفُ، فيُستعانُ بما يزيدُ فيه التَّطهيرُ

وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ
والأدلَّة من السُّنَّة
1- عن  ابنِ عبَّاسٍرَضِيَ اللهُ عنهما، قال: 
(( أقبلَ رجُلٌ حَرامًا مع النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فخَرَّ مِن بَعيرِه، فوُقِصَ وَقْصًا، فمات، فقال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: اغْسِلُوه بماءٍ وسِدْرٍ وأَلْبِسوه ثوبَيْهِ، ولا تُخَمِّروا رَأْسَه؛ فإنَّه يأتي يومَ القيامةِ يُلَبِّي  )) 
2- عن أمِّ عطيَّةَ الأنصاريَّةِ رَضِيَ اللَّهُ عنها، قالت:
دخل علينا رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم حين تُوفِّيَتْ ابنَتُه، فقال: 

(( اغْسِلْنَها ثلاثًا، أو خمسًا، أو أكثَرَ من ذلك إنْ رَأَيْتُنَّ ذلك، بماءٍ وسِدْرٍ، واجْعَلْنَ في الآخِرَةِ كافورًا - أو شيئًا من كافورٍ- فإذا فرَغْتُنَّ فآذِنَّنِي  )) 

- والثالثة بالماء والكافور،

 

المسألة الثامنة: غَسْلُ جميعِ بَدَنِ المَيِّتِ والتيامُن فيه
1- غَسْلُ جميع بَدَنِ المَيِّت
يجب غَسْلُ جميعِ بَدَنِ المَيِّت، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ

2- التيامُنُ في غُسلِه
يُسَنُّ في غُسلِ المَيِّت أن يُبدَأَ بالشِّقِّ الأيمَنِ ثُمَّ الأيسَرِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ

المسألة التاسعة: وَضْعُ الكافورِ في الغَسْلَة الأخيرةِ
يُسَنُّ أن يجعَلَ الغاسِلُ في الغَسلَةِ الأخيرةِ كافورًا
وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: 
لأنَّه يُصَلِّبُ الجسمَ، ويُبَرِّدُه، ويُطَيِّبُه، ويطردُ عنه الهوامَّ

المسألة العاشرة: الوِتْرُ في غُسلِ الميِّت
الوِترُ في تغسيلِ الميِّت مُستحَبٌّ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعةِ

المسألة الحادية عشرة: مسألة تقليمُ أظْفار المَيِّتِ وقَصُّ شارِبِه
يُكْرَه تقليمُ أظْفارِ المَيِّت وقَصُّ شاربِه، وهو مذهبُ الحَنفيَّة، والمالِكيَّ

المسألة الثانية عشرة: مسألة حَلْقُ شَعْرِ عانَةِ المَيِّت
يَحْرُم حَلْقُ شَعْرِ عانَةِ الميِّت

المسألة الثالثة عشرة: تنشيفُ المَيِّتِ بعد الغُسْل
يُستَحَبُّ أن يُنَشَّفَ المَيِّتُ بعد الغُسْلِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ:

الفرع الثاني: الأحكامُ الخاصَّةُ بغُسْلِ المرأةِ والخُنْثَى والمُحْرِم
المسألة الأولى: الأحكامُ الخاصَّةُ بغُسْلِ المرأةِ
يُستَحَبُّ تسريحُ شعْرِ الميَّتةِ، وجَعْلُه ثلاثَ ضفائِرَ خَلْفَها، وهو مذهبُ الجُمهورِ: 
المالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة

المسألة الثانية: غسلُ الخُنثى المُشْكِل
الخُنثى المُشْكِل يُيَمَّمُ ولا يُغَسَّلُ وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ. 
وذلك للآتي:
أولًا: لأنَّه مات قبل أن يَستبينَ أَمْرُه فلم يُغَسِّلْه رجلٌ ولا امرأةٌ؛ لأنَّ حِلَّ الغُسل غيرُ ثابتٍ بين الرِّجالِ والنِّساءِ، فيُتَوَقَّى؛ لاحتمالِ الحُرْمَةِ، ويُيَمَّمُ بالصَّعيدِ؛ لتَعَذُّرِ الغُسْلِ

ثانيًا: لأنَّه لا يحلُّ للرَّجُلِ أن يُغَسِّلَه؛ لاحتمالِ أن يكونَ أنثى، ولا يحِلُّ للمرأةِ أن تُغَسِّلَه؛ لاحتمال أنَّه ذَكَرٌ؛ فَيُيَمَّم

المسألة الثالثة: صفةُ غُسْلِ من مات مُحْرِمًا
غُسْلُ الْمُحْرِم المَيِّت كغُسْلِه وهو حيٌّ، فيُجَنَّب ما يُجَنَّبُ وهو حيٌّ، 

وجهُ الدَّلالة:
أنَّه مَنَعَ مِن تخميرِ رَأْسِه بعد الموتِ، ومِنْ مَسِّهِ بالطِّيبِ؛ لِبقاءِ الإحرامِ عليه ودلَّ قَوْلُه: 
(( فإنَّه يُبعَثُ يومَ القيامَةِ مُلَبِّيًا )) على أنَّه باقٍ على إحرامِهِ؛ فهو كالحَيِّ

الفرع الثالث: إذا خرج من المَيِّت نجاسةٌ بعد غُسلِه
إذا خرج من المَيِّت نجاسةٌ بعد غُسلِه وقبلَ تكفينِه؛ وَجَبَ غَسْلُ النَّجاسَةِ، 
ولا يُعادُ الغُسْلُ، 
وهذا مذهَبُ الجمهورِ
لأنَّه خَرَجَ عن التَّكليفِ بِنَقْضِ الطَّهارة
لأنَّ خُروجَ النَّجاسةِ مِنَ الحَيِّ بعد غُسْلِه لا يُبْطِلُه، فكذلك المَيِّت
الفرع الرابع: حُكمُ الاغتسالِ مِن غُسْلِ المَيِّت
يُستحَبُّ الاغتسالُ مِنْ غُسْلِ المَيِّت، وذلك باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ

1-  يُستَحَبُّ أن تُبْسَطَ أحسَنُ الأكفانِ وأَوْسَعُها، ثم تُبْسَطَ الثَّانِيَةُ عليها، ثمَّ الثالثة.
2- يُحمَل المَيِّتُ إلى الأكفانِ مستورًا، ويُترَك على الكَفَن مُستلقِيًا على ظَهْرِه، وهو مذهَبُ الشَّافعيَّة والحَنابِلَة
 3- يؤخَذُ قُطْنٌ، فيُجْعَل فيه الحَنوطُ والكافورُ، ويُجْعَل بين أَلْيَتَيْه، ويُشَدُّ عليه وذلك باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: 
وذلك للآتي:
أولًا: لِيَرُدَّ ما يَخْرُج عند تحريكِه
ثانيًا: ليُخْفِي ما يَظْهَر مِنَ الرَّوائِح
ثالثًا: ويُشَدُّ عليه؛ ليَجْمَع ألْيَتيْه ومثانَتَه، ويَرُدَّ ما يَخْرُج
4- يؤخَذُ القُطنُ ويُجعَل عليه الحَنُوطُ والكافورُ، ويُتْرَك على الفَمِ والمِنْخَرين والعَينينِ والأُذُنينِ ومنافِذِ البَدَنِ، وهذا باتَّفاقِ المذاهبِ الفقهيةِ الأربعةِ  ؛ وذلك لئلَّا يَحْدُث فيها حادِثٌ، ودفعًا للهَوامِّ
5- يوضَعُ حنوطٌ على مواضِعِ السُّجودِ مِنَ المَيِّت، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ ؛ وذلك لأنَّ هذه المواضِعَ شُرِّفَت
بالسُّجودِ، فخُصَّتْ بالطِّيبِ
6- يُطَيَّبُ جميعُ بَدَنِ المَيِّتِ، وهذا مذهَبُ الجُمهورِ: 
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّ ذلك يُقَوِّي البَدَنَ ويَشُدُّه
ثانيًا: لأنَّه يكونُ أطيَبَ للمَيِّت
7- يُستَحَبُّ أن يُطَيَّبَ رأسُه ولِحْيَتُه، وذلك باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيةِ الأربعةِ ؛ وذلك لأنَّ الحَيَّ يتطَيَّبُ هكذا
8- يُرَدُّ طَرَفُ اللفافةِ العُليا من الجانِبِ الأيسَرِ على شِقِّ المَيِّت الأيمَنِ، ثُمَّ يُرَدُّ طَرَفُها الأيمنُ على شِقِّه الأيسرِ، ثم يُفعَلُ باللفافةِ الثَّانيةِ والثَّالثة كما فُعِلَ بالأولى، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ:
9- يُوضَعُ المَيِّت على الأكفانِ بحيث يكونُ أكثَرُ ما يفْضُلُ من الكَفَن من قِبَل رَأْسِه، ويُلْقَى الفاضِلُ على رَأْسِه ورِجْلَيْه؛ 
الأدلَّة:
أولًا: من السُّنَّة
عن خبَّابِ بنِ الأَرَتِّ رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: 
(( هاجَرْنا معَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم نريدُ وَجْهَ الله، فوَقَعَ أجرُنا على الله؛ فمِنَّا من مضى لم يأخُذْ مِن أَجْرِه شيئًا، منهم مصعَبُ بنُ عميرٍ؛ قُتِلَ يومَ أُحُدٍ وتَرَكَ نَمِرَةً، فإذا غَطَّيْنا رَأْسَه بَدَتْ رِجْلَاه، وإذا غَطَّيْنا رِجْلَيْه بَدَا رأسُه، فأَمَرَنا النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أن نُغَطِّيَ رَأْسَه، ونجعَلَ على رِجْلَيْه من الإِذْخِر، ومنَّا من أينَعَتْ له ثَمرَتُه فهو يَهْدِبها  ))
ليصيرَ الكَفَنُ كالكيسِ، فلا يَنْتَشِر
10- تُعقَدُ اللَّفائِفُ بعد تكفينِ المَيِّت فيها، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ
وذلك للآتي :
أولًا  : صيانةً للمَيِّت عن الكَشْف
ثانيًا : للخَوفِ مِنِ انتشارِ الأكفانِ عِند الحَمْلِ

حكم تكفين الميت:

رابعا: أحكام تكفين الميت وآدابه

تكفين الميت واجب اتفاقا. 

وهو إدراج الميت في الكفن، وتتعلق به أحكام منها:

  • يستحب تكفين الميت غير شهيد المعركة في وتر من الأثواب: ثلاثة أو خمسة أو سبعة؛ 
  • - للرجل قميص وعمامة، يترك منها ذؤابة قدر الذراع تطرح على وجهه، 
  • - وللمرأة خمار، يترك منه ذؤابة تطرح على وجهها، 

  • - والأزرة لكل منهما ثالث، ولفافتان تمام الخمسة، ويزاد للمرأة أخريان تمام السبعة، ولا تحسب العصائب من أثواب الكفن. 

  • وأفضل الكفن الأبيض من القطن، ويكره المعصفر ونحوه، إذا أمكن غيره.

  • يستحب أن يدرج في اللفافة الأولى بعد التحنيط، ثم في الثانية بعد التحنيط، ثم يلبس الوزرة والقميص، ويربط الكفن من عند رأسه ورجليه، ويحل عند الدفن. 

  • يستحب تحنيط الميت ولو كان محرما أو معتدة على المشهور، بنحو كافور، وهو أفضل، يجعل بين أكفانه، وفي مرافقه، ومساجده، وحواسه، وبقية منافذه، ولا يجعل فوق الأثواب لأنه سرف.

  • يستحب أن ينشف جسده قبل أن يحنط، وأن تجمر أثواب كفنه وترا، بعود أو غيره، لعُبوق الرائحة. 

حكم دفن الميت:

خامسا: أحكام دفن الميت وصفته

دفن الميت فرض كفاية، 

ولا يجوز في تشييع جنازته أن يتبع بمجمر فيه نار أو بخور،

للنهي عن ذلك، 

والمشي أمامها أفضل للرجال، 

فإن ركبوا استحب لهم أن يكونوا خلفها. 

لحديث ابن عمر قال: 

«رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم، وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، يَمْشُونَ أَمَامَ الْجَنَازَةِ ». (السنن الصغرى، باب حمل الجنازة)

وصفته: 

أن يجعل في قبره استحبابا على شقه الأيمن إلى القبلة، وتمد يده اليمنى على جسده، ويعدل رأسه بالتراب، ورجلاه برفق، ويجعل التراب خلفه وأمامه لئلا ينقلب، ويحل عقد كفنه، 

ويسد عليه باللبن، والخلل الذي بين اللبن.

ويكره البناء على القبور، أو تجصيصها، 

ويحرم إن قصد به المباهاة، لحديث: 

«نَهَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَنْ يُجَصَّصَ الْقَبْرُ، وَأَنْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ، وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ». (مسلم، باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه)

واللحد في القبر أفضل من الشق، إن كان حائط قبلة القبر صلبا لا يتهيل كالرمل، ولا يتقطع جذوة جذوة، لما ثبت من إلحاد قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ويندب لواضع الميت في قبره، أو من حضر دفنه، عند نصب اللبن عليه، أن يدعو بهذا الدعاء: 

اللهم إن صاحبنا قد نزل بك وخلّف الدنيا وراء ظهره وافتقر إلى ما عندك ، اللهم ثبّت عند المسألة منطقَهُ ولا تبتله في قبره بما لا طاقة له، وألحقه بنبيّنا عليه السلام ".

تشفعا له وترحما عليه. وفي كل ذلك قول المصنف

ومن مقاصد أحكام الجنازة أن ندرك أن أخوة الإيمان تبقى رابطة بين المؤمن وأخيه الميت، حيث يقوم بتطهيره وستره ودفنه صونا لكرامته، 

وأن للميت حرمة كما أن للحي حرمة، فينبغي أن يُدعَى له بالرحمة والمغفرة، وأن لا يُؤذى بالقعود على قبره أو المشي عليه أو غيرهما من الإيذاءات الحسية والمعنوية، وفيها موعظة للحي ليتوب ويعمل صالحا فيما بقي من عمره قبل أن يحين أجله.




Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog