المرأة بين تكريم الإسلام وإهانة الإنسان

وأما حال المرأة قبل الإسلام عند الأمم قاطبة فقد كانت حالا يرثى لها: ذلا ومهانة، أو مجونا وخلاعة، كان ذلك عند الإغريق والفرس والرومان وأهل المشرق في الصين والهند، وكذلك عند العرب في الجاهلية، ولم تنصف عند أهل الكتاب من أصحاب الملل المحرفة، فهي في الدين النصراني المحرف الذي ينتمي إليه العالم الغربي اليوم: ينبوع المعاصي، وأصل السيئة والفجور، ويرى أن المرأة للرجل باب من أبواب جهنم من حيث هي مصدر تَحَرُّكه وحمله على الآثام، ومنها انبجست عيون المصائب على الإنسانية جمعاء، ومن المضحكات المبكيات أنه في القرن الخامس الميلادي: اجتمع بعض اللاهوتيين ليبحثوا ويتساءلوا في ـ مجمع ماكون ـ هل المرأة جثمان بحت؟ أم هي جسد ذو روح يناط به الخلاص والهلاك؟ وغلب على آرائهم أنها خِلْو من الروح الناجية، وليس هناك استثناء بين جميع بنات حواء من هذه الوصمة إلا مريم ابنة عمران أم المسيح عيسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام.

وقد عقد الفرنسيون في عام: 586 م ـ أي في زمان شباب رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ مؤتمرًا للبحث: هل تعد المرأة إنسانا أم غير إنسان؟ وهل لها روح أم ليس لها روح؟ وإذا كانت لها روح، فهل هي روح حيوانية أم روح إنسانية؟ وإذا كانت روحًا إنسانية، فهل هي على مستوى روح الرجل أم أدنى منها؟ وأخيرًا: قرروا أنها إنسان، ولكنها خُلقت لخدمة الرجل فحسب.

وقد أصدر البرلمان الإنجليزي في عهد هنري الثاني ملك إنجلترا قراراً يحظر على المرأة أن تقرأ كتاب العهد الجديد ـ الإنجيل ـ لأنها نجسة.

وأما المرأة عند اليهود: فهم يعتبرونها لعنة، لأنها أغوت آدم، وعندما يصيبها الحيض لا يجالسونها ولا يؤاكلونها ولا تلمس وعاء حتى لا يتنجس، وكان بعضهم ينصب للحائض خيمة، ويضع أمامها خبزًا وماء، ويجعلها في هذه الخيمة حتى تطهر، وكانت بعض طوائف اليهود تعتبر البنت في مرتبة الخادم، وكان لأبيها الحق في أن يبيعها قاصرة! وكانت المرأة في المجتمع اليهودي تعتبر مملوكة لأبيها قبل زواجها وتشترى منه عند نكاحها، لأن المهر كان يدفع لأبيها أو لأخيها على أنه ثمن شراء، ثم تصير مملوكة لزوجها وهو سيدها المطلق، فإذا مات زوجها ورثها وارثه، لأنها جزء من التركة، وله أن يبيعها أو يعضلها، وكان طبيعياً أن المرأة التي تورث كالمتاع لا حق لها في الميراث، والزوجة لا نصيب لها من تركة زوجها، بل ظلت جزءاً من متاعه يرثها ذوو قرباه ـ ويمكن الاطلاع على تفاصيل ذلك في كتاب: المرأة بين تكريم الإسلام وإهانة الجاهلية ـ للدكتور محمد إسماعيل المقدم، وكتاب: المرأة بين الجاهلية والإسلام ـ للشيخ محمد حامد الناصر.

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog