( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ )

سلسلة السيرة النبوية_من الظلمات إلى النور


إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

 لاكتمال فهم السيرة النبوية فهمًا كاملًا لابد من هذه المقدمة, وذلك لأنك لن تدرك قيمة النور إلا إذا عرفت الظلام، ولن  تستوعب جمال السيرة النبوية, وكمال صاحبها صلى الله عليه وسلم، وسموَّ مبادئ الإسلام وعظمة تشريعاته إدراكًا تامًّا، إلاَّ إذا رأيت مدى الانحطاط الذي وصل إليه العالم قبل الإسلام في كل مجالات الحياة؛ الفكرية والإنسانية، كالعقائد والتشريعات والأخلاق والأسرة والعلاقات السياسية بين الدول. 

لفقد انحدرت كل القيم الإنسانية في طول الأرض وعرضها، ولم يبقَ على الكوكب أحد يتمسَّك بالدين والأخلاق إلا أفراد قلائل من أهل الكتاب..

تعالوا بنا نخترق الزمان والمكان، نخترق الزمان بالوصول إلى ما قبل بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونخترق المكان بالوصول إلى كل بقعة على الأرض كانت تعاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونتجول بين الشرق والغرب فنرى حال الناس، والأخلاق والطباع.

اذا نظرنا في حالة أوروبا قبل ظهور الإسلام، ففي ما ذكر رينوأحد المؤرخين الفرنسيين الوصف الدقيق فقد قال:

«  طفحت أوروبا في ذلك الزمان بالعيوب والآثام، وهربت من النظافة والعناية بالإنسان والمكان، وزخرت بالجهل والفوضى والتأخُّر، وشيوع الظلم والاضطهاد، وفشت فيها الأمية ».

ويصف البكري وهو أكبر جغرافي ومِرخ عربي بالأندلس  بعض أصناف سكان المناطق الشمالية في أوربا، فيقول:

لهم أفعال مثل أفعال الهند، فيحرقون الميت عند موته، وتأتي نساء الميت يقطعن أيديهن ووجوههن بالسكاكين، وبعض النساء يشنقن أنفسهن على الملأ، ثم تُحرق الجثة بعد الموت، وتوضع مع الميت .

 

 وفي إنجلترا، والدول الإسكندنافية كالسويد والدنمارك وفنلندا وكذلك ألمانيا

والتي كانت خارج حدود الدولة الرومانية، يقول عنها المؤرخ الفرنسي رينو وشهد شاهد من أهلها:

شاع في هذة المناطق الظلم والاضطهاد، وفشت فيها الأمية، للدرجة التي كان الأمراء يفتخرون بأنهم لا يستطيعون أن يقرءوا، والعلماء كانوا في مهانة شديدة في هذه البلاد، هذا إن وجدوا..

 ثم قالوكانت أوروبا مسرحاً للحروب والأعمال الوحشية

ويقول جوستاف لوبون

لم يوجد في أوروبا بعض الميل للعلم إلا في القرن الحادي عشر والثاني عشر من الميلاد

وهذا موافق للقرن الرابع والخامس الهجري

 وذلك حين ظهر فيهم أناس أرادوا أن يرفعوا أكفان الجهل، فولوا وجوههم شطر المسلمين الذين كانوا أئمة عصرهم

وهذا الكلام كان بعد أربعة أو خمسة قرون من نزول الوحي على رسول الله

 

لقد كانالأربيون قوماً أشبه بالبهائم، وقد يكون ذلك من إفراط بعد الشمس عن رءوسهم فصارت بذلك أمزجتهم باردة، وأخلاقهم فجة رديئة، وقد انسدلت شعورهم على وجوههم، وعدموا دقة الأفهام، وغلب عليهم الجهل والبلادة، وفشت فيهم الغباوة.

وهذا الرحالة الأندلسي إبراهيم الطرطوش يصف أهل جليقية الذين كانوا يعيشون في شمال إسبانيا،

قال:

 هم أهل غدر ودناءة أخلاق، لا يتنظفون ولا يغتسلون في العام إلا مرة أو مرتين بالماء البارد، لا يغسلون ثيابهم منذ يلبسونها إلى أن تتقطع عليهم، ويزعمون أن الوسخ الذي يعلوهم من عرقهم تصح به أبدانهم.

يروي ابن فضلان الرحالة المسلم في القرن الرابع الهجري ما شاهده بنفسه من موت أحد السادة في أوروبا، فجاءوا بجارية له كي تموت معه، فشربت الخمر ورقصت وقامت بطقوس معينة، ثم قيدوها بالحبال من رقبتها، ثم أقبلت امرأة عجوز يسمونها ملك الموت وبيدها خنجر كبير، ثم أخذت تطعنها في صدرها بين الضلوع في أكثر من موضع، والرجال يخنقونها بالحبل حتى ماتت، ثم أحرقوها ووضعوها مع سيدها الميت، وهم بهذا يحترمون إنسانية السيد كما يظنون.

لقد كانت الأمم الأوربية المتوغِّلة في الشمال والغرب تتسكَّع في ظلام الجهل المطبق، والأمية الفاشية، والحروب الدامية، لم ينبثق فيها فجر الحضارة والعلم بعدُ، ولم تظهر على مسرحها الأندلس الإسلامية لتُؤَدِّيَ رسالتها في العلم والمدنية، وكانت بمعزل عن جادَّة قافلة الحضارة الإنسانية، وكانت بين نصرانية وليدة، ووثنية شائبة، ولم تكن بذات رسالة في الدين، ولا بذات راية في السياسة.

يقول هربرت جورج  ويلز أديب، ومفكر، وصحفي، وعالم اجتماع ومؤرخ إنجليزيفي كتابه (التاريخ المختصر للعالم): « ولم تكن في أوربا الغربية في ذلك العهد أمارات الوحدة والنظام ». ويقول روبرت بريفولت  طبيب بريطاني تحوَّل من الطب إلى الكتابات في الأنثروبولوجا والاجتماع. في كتاباته: « لقد أطبق على أوروبا ليل حالك من القرن الخامس إلى القرن العاشر – ( بُعِث رسول الله صلى الله عليه وسلم في أوائل القرن السابع الميلادي)، وكان هذا الليل يزداد ظلامًا وسوادًا. وكانت همجية ذلك العهد أشدَّ هولًا وأفظع من همجية العهد القديم؛ لأنها كانت أشبه بجثة حضارة كبيرة قد تعفَّنت، وقد انطمست معالم هذه الحضارة وقُضي عليها بالزوال، وقد كانت الأقطار الكبيرة التي ازدهرت فيها هذه الحضارة وبلغت أوجها في الماضي كإيطاليا وفرنسا فريسة الدمار والفوضى والخراب »

 

ففي الدولة الرومانية قبل البعثة النبوية : كان أول شيء يلفت الأنظار في ذلك الزمن ضخامة هذه الدولة - مساحتها ممتدة على ثلاثة أرباع أوروبا مقسمة إلى قسمين رئيسيين - دولة رومانية شرقية وعاصمتها القسطنطينية، كان يحكمها القيصر هرقل في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيصر هذا لقب للملك الذي يحكم الدولة الرومانية.- والدولة الرومانية الغربية عاصمتها روما، وهذه سقطت قبل البعثة النبوية ولم تبق إلا الدولة الرومانية الشرقية.


 لقد كانت هناك خلافات عقائدية عقيمة وعميقة بين طوائف النصارى في أطراف الدولة الرومانية الشاسعة - فالدولة الشرقية أرثوذكسية - والغربية كاثوليكية، ودارت بينهما حروب فني فيها الآلاف والآلاف على مدار السنين، وظلت هذه الحروب مشتعلة حتى العهد القريب، وإلى الآن هناك خلافات عقائدية ضخمة، وحروب بين الطوائف المختلفة من النصارى.

 أما الجوانب الأخلاقية فقد كانت في انحدار شديد في هذه الدولة، فقد اختفى الزواج، وفضل الجميع الزنا  لما كان يتطلبه تكاليف الأسرة  والناس كلها فقراء. فالأموال كثيرة جداً في الدولة، ولكنها مجموعة في أيدي قلة قليلة من رجال الدولة الرومانية الواسعة، فأدى ذلك إلى انحلال رهيب بين أوساط الناس، وانتشر الفساد في كل مكان، واختلطت الأنساب..

وأما الرشوة فكانت أصلاً في التعامل مع الموظفين كبارا وصغارا- وكانت.

الضرائب ضخمة باهظة على كل سكان البلاد، وهي على الفقراء أكثر منهم على الأغنياء

بلغ المجتمع الروماني من الوحشية والقسوة على الانسان الحد الأقصى , حتى أنه جعل من وسائل التسلية صراع العبيد مع الوحوش المفترسة في أقفاص مغلقة، والوزراء والأمراء ينظرون و يستمتعون و يهتفون في هستريا عارمة.

  


 ولازلنا نرى حتى الأن مظاهر هذه الوحشيية في إسبانيا في صراع الرجال مع الثيران والناس تصفق وتنتشي و هي تشاهد هذا الحيوان يطعن بسيوف حادة مدة طويلة قبل ان يسقط منهكا، وهي صورة كما يسمونها من صور الحضارة عندهم.

 أما حروبهم فكاتت بربرية همجية ووحشية،

ففي عهد اسفسيانوس أحد قياصرة الرومان، حاصر اليهود في أورشليم خمسة أشهر كاملة ثم سقطت المدينة بعد هزيمة مهينة 

ثم كان كل يهودي يجبرعلى قتل زوجته وأولاده بنفسه، هكذا أتى الأمر الروماني إلى دولة اليهود المحاصرة داخل مدينة القدس،

الغريب أن اليهود أطاعوا ووافقوا على ذلك، وقاموا به من شدة الرعب، وطمعاً منهم في النجاة، وهم أحرص الناس على حياة، وخرجوا يقتلون أبناءهم ونساءهم بسيوفهم، ثم خرجوا للرومان الذين بدءوا بعمل قرعة بين كل اثنين من اليهود، أيهما يقتل أخاه إلى أن صفوا كل اليهود الموجودين في القدس ولم ينج منهم إلا الشريد، أو أولئك الذين كانوا يسكنون في أماكن بعيدة.

هذه كانت صورة من صور الحرب الرومانية التي كانت تتميز بأشد أنواع الهمجية المتخيلة

لقد كان العبيد في المجتمع الروماني ثلاثة أضعاف الأحرار، ومعاملة العبيد كانت في منتهى القسوة، لدرجة أن أفلاطون نفسه وهو الفيلسوف صاحب فكرة المدينة الفاضلة لم يعطى فيها العبيد حق المواطنة ولم يعط لهم أي قيمة في بلاد الرومان

إن تاريخ  العبودية لدى الرومان هو بحق صفحات حالكة السواد في سجل الرق، ولا سبيل أمام المستشرقين سوى الاعتراف به بدلاً من الافتراء على الإسلام. فقد كان الرومان يحصلون عادة على الأرقاء من أسرى الحروب، وأولاد العبيد، وأولاد الأحرار الذين حكم عليهم القانون بأن يكونوا عبيدًا، كالمدينين الذين صعب عليهم الوفاء بديونهم. وكان ثلاثة أرباع سكان الامبراطورية الرومانية من الرقيق! وكان النخّاسون الذين يتجرون في الرقيق يلازمون الجيوش, وكان الراغب في الشراء يطلب أحيانًا رؤية العبد وهو عريان لمعرفة ما به من عيوب !! وكان هناك فرق كبير في الثمن بين العبد المتعلم والعبد الجاهل، وبين الجارية الحسناء والجارية الدميمة. وكانت الجارية الحسناء تباع بثمن غال، ولهذا انتشر الفساد الخلقى، وانتشرت الرذيلة في روما.
لقد كان القانون ينظر إلى الرقيق كأنه لا شيء، فهو ليس له أسرة، ولا شخصية، ولا يملك شيءًا. والعبد وما ملكت يداه لسيده. ويتبع الرقيق أمه حين الوضع، فإذا كانت رقيقة كان رقيقًا. وكان لمالك الرقيق الحرية المطلقة في التصرف مع عبده كما يتصرف في الحيوانات التي يملكها فإذا أخطأ العبد عاقبه سيده كيفما شاء، أو بأية وسيلة شيطانية تخطر له على بال !! فكان يقيده بالسلاسل ويكلفه مثلاً بحرث الأرض وهو مكبل بالحديد، أو يجلده بالسياط حتى الموت، أو يعلقه من يديه في مكان مرتفع عن الأرض بينما يربط أثقالاً برجليه حتى تتفسخ أعضاء جسمه !! أو يحكم عليه بمصارعة وحوش كاسرة – كالأسود والنمور – تم حبسها وتجويعها أيامًا طوال كى تكون أشد افتراسًا وفتكًا بالعبيد البائسين الذين قُدّر عليهم أن يلقوا حتفهم بهذا الأسلوب الذي يقشعر له بدن الشيطان !!
ولم تكن هناك أية عقوبة في القانون الرومانى تُطبق على السيد الذي يقتل عبده أبدًا، فالقانون الرومانى كان ينص على أن العبد هو أداة ناطقة !! وكانوا يعتبرون الرقيق مجرد "أشياء" وليسوا بشرًا ذوى أرواح وأنفس !! وكان منظرًا عاديًا لديهم أن يشاهدوا جثثًا مصلوبة على جذوع الأشجار لعبيد شاء سادتهم المجرمون شنقهم، أو تعليقهم هكذا بلا طعام ولا شراب حتى الموت، أو حرقهم أحياء، أو إجبارهم على العمل الشاق وأرجلهم مقيدة بالسلاسل عراة تحت أشعة الشمس الحارقة !!




لقد كانت الفقرة المحببة لدى الرومان في الأعياد والمهرجانات هي المبارزات الحية بكل الأسلحة الفتَّاكة بين العبيد حتى يهلك أحدهم !! وتتعالى صيحات المجرمين الرومان إعجابًا أو تلتهب الأكف من التصفيق الحاد حين يتمكن أحد العبيد من تسديد طعنة نافذة في جوف القلب تقضى على غريمه. !!
لقد كان السيد يصر على أن يقف العبيد حول المائدة صامتين، وكان يعاقب من يسعل منهم أو يعطس بالجلد !! واعتادت إحدى السيدات أن "تعض" جواريها في نوبات غضبها، وكانت أخرىات يأمرن بجلد الجارية إذا لم تُحسن تصفيف شعر سيدتها !! وكان من الطبيعى أن تندلع ثورات عارمة احتجاجًا على وحشية السادة الرومان كانت تنتهى بمقتل جميع العبيد الثائرين، والويل لمن يبقى حيًا حتى ممن لم يشاركوا في التمرد !! من الأعمال الفنية الرائعة التي خلدت ثورات العبيد المطحونين، ومن أشهرها فيلم "سبارتاكوس محرر العبيد" وغيرها، وكذلك العشرات من الكتب والأبحاث العلمية والتاريخية التي دونت فظائع الاستعباد في أوروبا. والعجيب أن أولئك الذين يتطاولون على الإسلام يعتريهم الخرس التام، ولا يعلقون على تاريخ آبائهم الأسود بهذا الصدد !!.

 

واذا ننتقلنا إلى جهة الشرق سنجد الدولة الفارسية التي كانت تمتلك نصف العالم الآخر في ذلك الزمن، وكانت تمثل مأساة حضارية بكل المقاييس! انهيار شديد في الأخلاق.

بلغت الرذيلت في مجتمعات الفرس إلى ما يسمى بزواج المحارم، وهذا شيء رغم بشاعته إلا أنه كان منتشراً في الدولة الفارسية، فقد كان الرجل يتزوج من ابنته أو أخته أو أمه، كبار القوم وصغارهم في ذلك سواء، فكسرى يمكن أن يتزوج أي واحدة في المجتمع كله، وقد وقع من يزدجرد الثاني كسرى فارس أنه تزوج من ابنته ثم قتلها..

كذلك بهرام جوبين وهو أحد الأكاسرة كان متزوجاً من أخته، وبعضهم كان يتزوج أمه،

لم يكن يوجد هناك احترام لأي ملكية في البلد، كل شيء مباح للناس كلها، كل شيء مشاع، يمكن لأي أحد أن يدخل إلى بيت الآخر ويأخذ من ماله ونسائه، فبالتبعية استفاد الأقوياء من هذا القانون على حساب الضعفاء، وكان الرجل القوي يدخل على الضعيف يغلبه على ماله وزوجته فلا يستطيع الضعيف أن يتكلم، بينما الضعيف لا يستطيع أن يدخل على القوي، ولا أن يعترض أو يرفع شكواه؛ لأن هذا أصبح جزءاً من الدين في بلاد فارس..

فعمت البلاد المشاكل وعمت السرقات في كل مكان، وباركها كسرى قباذ؛ لأن هذا عنده من الدين الذي وضعه مزدك، ففسد الناس كلهم أجمعون

لقد كان تقديس الأكاسرة في بلاد فارس أمراً عظيماً جداً عند عامة الناس، فالناس كانت تعتقد أن في دم كسرى هذا دماً إلهياً، وأنهم فوق البشر وفوق القانون، كان الرجل إذا دخل على كسرى ارتمى ساجداً على الأرض، فلا يقوم حتى يؤذن له، وأقرب الناس إلى كسرى وهم طبقة الكهان والأمراء والوزراء كانوا يقفون على بعد مسافة من كسرى - وكان الزائر يضع على فمه قطعة من القماش الأبيض الرقيق، حتى لا تلوث أنفاسه الحضرة الملكية لكسرى!. 

 

لقد كان الشعب مقسما الى طبقات  

طبقة الأكاسرة فوق الجميع

ثم طبقة الأشراف وهؤلاء سبع عائلات، ولا يمكن أن يوجد شريف خارج هذه العائلات السبع

ثم طبقة رجال الدين

وطبقة رجال الحرب وقواد الجيوش

وطبقة المثقفين، ورجال العلم، والكتاب، والأطباء، والشعراء

وطبقة الدهاقين، وهم رؤساء القرى، وجامعو الضرائب

ثم طبقة العمال، والفلاحون، والتجار، والجنود، والعبيد

وهذه الطبقة ليس لها حقوق تذكر

كان الجنود العبيد يربطون بالسلاسل في المعارك، كما حدث في موقعة الأبلة، وهي أول موقعة إسلامية في فتح فارس، كانت بقيادة خالد بن الوليد رضي الله عنه وأرضاه، كان الفرس يربطون ستين ألفاً من الجنود بالسلاسل،

حتى إن الموقعة سميت بعد ذلك في التاريخ بذات السلاسل،

هذا ما كانت تعاني منه الشعوب الفارسية والعراقيين بوجه الخصوص من انتهاك للأعراض والحرمات التي كان يمارسها المجوس تحت سطوة كسرى الفرس؛ إلى أن جاء الخليفة الثاني عمر بن الخطاب ( رض ) ليحرر تلك الشعوب ويخلصها من إنتهاك الأعراض ويحامي ويدافع عنها 

 

أما مصر فكانت محتلة , محتلة من قبل الرومان منذ هزيمة كليوباترا على يد أوكتافيوس في سنة (٣١) قبل الميلاد، يعني: أكثر من (٥) قرون من الاحتلال الروماني لمصر، حتى سقط في سنة (٤٧٦م) لما سقطت الدولة الرومانية الغربية، لكن الدولة الرومانية الشرقية سرعان ما استولت على مصر قبل ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم بحوالي (١٠٠) سنة.

والدولة الرومانية سواء كانت شرقية أو غربية كانوا يتخذون من مصر مخزناً يمد الإمبراطورية الرومانية باحتياجاتها من الغذاء، فحصل تدهور شديد في الاقتصاد المصري، وتدهور شديد أيضاً في الحالة العلمية والاجتماعية، وفقد المصريون السلطة بكاملها في بلادهم، الا أن الرومان حرصوا على أن يتركوا بعض الرموز من أجل أن تبقى صورة من المصريين موجودة في السلطة، فيتجنبوا ثورة الشعوب، لكن الواقع أن كل الحكم والإدارة كانت في يد الرومان.

فرضوا الضرائب الباهظة على الشعب الفقير المعدم، ضرائب عامة على الأفراد والصناعات والأراضي والماشية، وحتى على المبيعات.

وضرائب على المارة، إذا أردت أن تذهب من مكان إلى مكان أو من مدينة إلى مدينة تدفع ضريبة.

وضرائب حتى على زوجات الجنود، الجندي يدفع روحه من أجل البلد وامرأته وهو غائب تدفع ضريبة.

وضرائب على أثاث المنزل، بل تجاوزت ضرائب الأحياء إلى الأموات، فقد كان لا يسمح بدفن الميت إلا بعد أن تدفع ضريبة معينة تشبه ضريبة التركات، ولم يكتفوا بمصيبة الموت فأضافوا إليها ضريبة.

فوق كل هذا كان هناك التعذيب لأجل المخالفة في المعتقد الديني، فالكل لابد أن يكون تحت مظلة النصرانية الأرثوذكسية.

أما وضع الصين أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم،

 فقد كان فيها ثلاث ديانات

الأولى فيها بعد كامل عن النساء، وزهد كامل في الدنيا، وانعزال كامل عن المجتمع.

الثانية لـ كنفوشيوس

 فأنت حر، اعبد ما أردت

 شجرة أو نهراً، أو إلخ.

الثالثة لـ بوذا، وهي تعاليم أخلاقية معينة، ولكن فيها أيضاً الكثير من الانعزال عن المجتمع، والزهد في الحياة، وبعد قليل تحول بوذا من مجرد مشرع إلى معبود رسمي، صنعت له التماثيل، وظل يعبد على مدار السنين.

 

أما الهند فأعجوبة الأعاجيب؛ حيث كثرت فيها المعبودات بشكل مريع، فأي شيء في الهند يعبد، يعبدون الأشخاص والجبال والأنهار،

 نهر الكنج فهو مقدس عندهم، حتى المعادن، وأشهر المعادن التي كانت

تعبد الذهب والفضة.

وعبدوا آلات الحرب من سيف أو درع، وآلات الكتابة من قلم أو كراسة.

كذلك الأجرام الفلكية تعبد من دون الله عز وجل، والحيوانات، وأكثر حيوان يعبد في بلاد الهند هو البقرة، و ما زالت تعبد إلى الآن وليس فقط البقرة، بل كل الحيوانات عبدت في بلاد الهند، لدرجة أنهم عبدوا الفئران، وحصلت مجاعة ضخمة في بلاد الهند كان سببها ترك الفئران فأكلت كل المزروعات الهندية.

عمت بلاد الهند الشهوة الجنسية الجامحة ، فكان الكهان يرتكبون أبشع الفواحش في المعابد، ويعتبرون ذلك من الدين، ويتقربون بذلك إلى الآلهة

وقسمت الطبقية البشعة بلاد الهند الناس إلى أربع طبقات

 طبقة البراهمة الكهنة والحكام.

طبقة رجال الحرب.

وطبقة التجار والأغنياء.

 ثم طبقة شودر, طبقة المنبوذين، وهذه الطبقة هي أحط عندهم من البهائم، وأذل من الكلاب

ليس لطبقة شودر أن يقتنوا مالاً ، ولا يصح أن تكون لهم ملكية .

وإذا همّ شودري أن يضرب برهمي قطعت يده، وإذا هم بالجلوس إليه كوي استه بالنار، ونفي خارج البلاد، وإذا سبه اقتلع لسانه، وإذا ادعى أنه يعلمه شيئاً سقي زيتاً مغلياً

يقول القانون الهندي

 إن كفارة قتل الكلب والقطة والضفدعة والبومة سواء بسواء مثل كفارة قتل الشودر

المرأة في المجتمع الهندي أحياناً يكون لها أكثر من زوج،

وأحياناً في بلاد الهند يلعب الرجل القمار ويخسر، ثم لا يجد إلا أن يقامر على زوجته، وممكن أن يخسرها في القمار.

 

موقع اليهود على خارطة الأحداث قبل وبعد البعثة النبوية

في هذه الصورة البشعة للأرض أين كان اليهود؟ 

عاش اليهود مضطهدين في آسيا وأوروبا وإفريقيا وفي كل بقعة وفي كل زمن، وليس هناك طاقة لأحد من البشر بمعاشرة اليهود، فهم في لحظات الضعف خنوع ونفاق ودس وكيد وكذب، وفي لحظات القوة تجبر وتكبر وظلم ووحشية وربا وفتن ومؤامرات على البلد المضيف.

وقد تركز اليهود في ذلك الزمن في منطقة الشام، وفي سنة (٦١٠) ميلادية، بعد حوالي ثلاث سنوات أو سنتين من بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم حصلت المعركة الضخمة ما بين الفرس والروم، التي ذكرت في كتاب الله عز وجل: {غُلِبَتِ الرُّومُ} [الروم:٢]، وانتصر الفرس على الرومان، واليهود كانوا في بلاد الشام التي تتبع الدولة الرومانية،  فتحول اليهود إلى قتلة وسفاكي دماء لكل رهبان النصارى الموجودين في بلاد الشام، وصارت لهم شوكة فترة من الزمان. ثم دارت الأيام وانتصر الرومان على الفرس {وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ} [الروم:٣]، فجمع اليهود أنفسهم وذهبوا إلى هرقل ملك الروم وقدموا له القرابين وتذللوا له، وأظهروا له الانصياع الكامل والتبعية لحكومته، فقبل منهم هرقل ذلك، وأعطاهم العهد بالأمان، لكن أتى رهبان الشام بعد ذلك فذكروا لـ هرقل ما فعله اليهود في وقت هزيمة الرومان، فغضب وأراد أن يعاقب اليهود، ولكن منعه العهد الذي أعطاه إليهم، فجاء إليه الرهبان النصارى وقالوا لـ هرقل: لا عليك من العهد، اقتلهم وسنصوم عنك جمعة كل سنة أبد الدهر، فقبل كلام هرقل وعذبهم عذاباً شديداً، ولم يفلت إلا الذي هرب من الشام.

ومن حينها اشتد العداء بين النصارى واليهود، علماً بأن النصارى يكرهون اليهود لادعائهم بأنهم قتلوا المسيح عليه السلام، {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} [النساء:١٥٧]، حتى إن النصارى في عهد سيدنا عمر بن الخطاب لما فتح القدس سنة (١٦) هجرية اشترطوا ألا يعيش في القدس يهودي، وألا يبقى فيها يوماً وليلة إلا المرور، وأعطاهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه العهد بذلك، لكن الآن نرى اتفاق اليهود مع الأمريكان والإنجليز والفرنسيين وغيرهم؛ لأن معركتهم واحدة هي المعركة ضد الإسلام.

اليهود في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا يتمركزون في شمال المدينة المنورة في خيبر، وكانوا كعادتهم قوماً غلاظ الطباع، قساة القلوب، منحرفي الأخلاق، يعيشون على الربا، وإشعال الفتن والحروب والتكسب من بيع السلاح، وإيقاع السادة في الفضائح الأخلاقية وتهديدهم بها، والسيطرة على الجهال بكتبهم المحرفة وأفكارهم الضالة.

أما حال الحبشة قبل البعثة النبوية وبعدها

وهي أثيوبيا حالياً - فكانت على النصرانية المحرفة، وكانوا يتبعون الكرسي الإسكندري في الدين، مثل الديانة المصرية، ويعتقدون أن المسيح هو الله أو ابن الله، وليس له طبيعة بشرية، كانت حياتهم بدائية إلى حد كبير، وإن كان لهم قوة وجيش وسلاح، لكن في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم وبعد البعثة كان يحكمهم رجل لا يظلم عنده أحد، وهو النجاشي أصحمة، والنجاشي لقب وليس اسماً، مثل ملك فارس لقبه كسرى، وملك الروم لقبه قيصر، كذلك ملك الحبشة لقبه النجاشي.

هذا وضع بلاد الحبشة ذكرناه لأهميته في السيرة كما سيأتي بعد ذلك.

أما الأمريكتان فقد كانتا تعيشان في ذلك الوقت في مرحلة طفولة حضارية، في حياة بدائية تماماً، وقد رأيت آثار السكان الأصليين لأمريكا (الهنود الحمر) وهي آثار في غاية البدائية، وما كان لهم أي دور في حركة الأرض في ذلك الزمن.

حال الجزيرة العربية قبل البعثة النبوية



فقد كانت تعيش حالة من الوثنية المفرطة، مع إيمان هؤلاء الناس بالله عز وجل، إلا أنهم اتخذوا إليه شفعاء ووسطاء، كما قال الله عنهم: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر:٣]. ثم مضت الأيام وأصبحوا يعتقدون أن هؤلاء الشفعاء -أي: الأصنام- تملك قدرة ذاتية على أن تنفع أو تضر، فأصبحوا يتوجهون إليها مباشرة بالعبادة، وكان لكل قبيلة صنم، 

فمكة مثلاً كان أعظم أصنامها هبل، والطائف أعظم أصنامها اللات وهكذا.

وأحياناً لكل بيت صنم، وكان هناك تجار للأصنام وصناع للأصنام، تجد من يبيع آلهة في داخل البيت الحرام، بل في الكعبة نفسها حولها (٣٦٠) صنماً، وهي أشرف بقعة على الأرض. ومما يذكر كمثال على أن لكل بيت صنماً أن عمرو بن الجموح رضي الله عنه كان في جاهليته يعبد صنماً من الخشب صنعه بيده.

أما الأجواء الأخلاقية في جزيرة العرب فكانت شنيعة، كان شرب الخمر متفشياً تفشياً كبيراً، حتى كتبت فيه أشعار عظيمة، ووصفت مجالسه بأدق التفاصيل، مع أنه كان يؤدي إلى كثير من النزاع بين الناس.

وكان الميسر أيضاً متفشياً، وكثيراً ما أورث البغضاء والشحناء و الاقتتال بين الناس، وكان الربا من المعاملات الأساسية في جزيرة العرب، وكانوا يقولون كما أخبر الله عنهم: {إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا} [البقرة:٢٧٥].

أما الزنا فكانت له صور بشعة في المجتمعات العربية قبل الإسلام، وتصف السيدة عائشة رضي الله عنها وأرضاها - كما جاء في صحيح البخاري عن أنواع النكاح في الجاهلية: 

النوع الأول: هو النوع المعروف الذي عليه نكاح الناس اليوم، يخطب الرجل إلى الرجل وليته أو ابنته فيصدقها ثم ينكحها، وهذا الزواج الطبيعي كان أحد صور الزواج.

النوع الثاني: تقول السيدة عائشة: كان الرجل يقول لامرأته إذا طهرت من من الحيض- اذهبي إلى فلان من أشراف مكة فاستبضعي منه، ويعتزلها زوجها ولا يمسها حتى يتبين حملها من ذلك الرجل الغريب.

هذا النكاح كان يسمى بنكاح الاستبضاع، وكان هذا القانون يوافق أهواء الأسياد حتى أتى الإسلام وحرم عليهم هذه الأمور وهذه المفاسد.

النوع الثالث: تقول السيدة عائشة: 

هو النكاح الذي يجتمع فيه الرهط ما دون العشرة، فيدخلون على المرأة كلهم يصيبها، فإذا حملت ووضعت ومر عليها ليال بعد أن تضع حملها أرسلت إليهم، فلم يستطع رجل منهم أن يمتنع حتى يجتمعوا عندها، فتقول هو ابنك يا فلان، وتختار واحداً من الناس فتلحقه به، ولا يستطيع أن يمتنع الرجل.

النوع الرابع: يجتمع الناس الكثير فيدخلون على المرأة لا تمتنع ممن جاءها وهن البغايا كن ينصبن على أبوابهن رايات تكون علماً، وهي مشهورة في التاريخ بالرايات الحمر، فمن أرادهن دخل عليهن - فإذا حملت إحداهن ووضعت حملها اجتمعوا لها، ودعوا لها القافة - وهم الرجال الذين يستطيعون تمييز الوالد والولد عن طريق الشبه - ثم ألحقوا ولدها بالذي يرون, ولا يمتنع من ذلك.

فلما بعث الرسول صلى الله عليه وسلم هدم نكاح الجاهلية كله إلا نكاح الناس اليوم.

كانت هناك عاداة أخرى من أبشع العادات في جزيرة العرب: 

منها: وأد البنات، وهو دفن البنت وهي حية، وكان يفعل ذلك لأسباب كثيرة أهمها خشية الفقر, وأحياناً خوف العار، وأحياناً لعيوب خلقية أو من أجل اللون أو الادعاء أن الملائكة بنات الله، سبحانه ! فيقولون: ألحقوا البنات به فهو أحق بهن، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.


وكانت كذلك العصيبة القبيلة والحروب المستمرة بين القبائل أمراً طبيعياً، والإغار , وكان أبرز ما يُميز الحياة في العصر الجاهلي الحروب التي عُرفت باسم "الأيام"، حيث كانت حياتهم من دم إلى دم، فقد كان الثأر هو شريعتهم المقدسة، وكانوا يُحرمون على أنفسهم الطيب والخمر والنساء حتى يأخذوا بثأرهم، وكأن هذا الثأر مصبوغ بصبغة دينية, كان لا يحق لأيّ فرد من أفراد القبيلة أن يخرج عن هذه الشريعة أو هذا القانون أو يقف في وجهه، كما كان الثأر عندهم متوارثًا فلا يتوقف سفك الدماء بين القبائل حتى يتدخل أحد في هذا النزاع ويُصلح بين المتنازعين ويتحمل الديّات والمغارم، ولم يكن الصلح واردًا عندهم إلا بعد أن تحصد الحروب الحرث والنسل.

من يرجع إلى التاريخ ويبحث في تاريخ الحروب التي خاضتها العرب ضد بعضها البعض ولأسباب نندهش عندما نعرفها وقد أدت إلى نشوب مثل هذه الحروب التي دامت لسنوات وعقود طويلة وراح ضحيتها آلاف وآلاف الشباب والنساء والأطفال ...
ومن منا لا يذكر حرب "داحس والغبراء" التي وقعت بين عبس وذبيان وهما من قبيلة"غطفان"..وكان سبب هذه الحرب سلب قافلة حجاج للمناذرة تحت حماية الذبيانين ... هذه الحرب دامت "40 عاماً" وتقول كتب التاريخ أن كلاً من عروة بن الورد والشاعر عنترة بن شداد شاركا في هذه الحرب ومات فيها عنترة....أما نهاية الحرب بعد أربعة عقود فكان بدفع ديّات القتلى من قِبَل رجلين من الذبيانيين.
وهناك حرب تسمى بحرب "الفجار" التي نشبت بين قبيلة كنانة وبين قبائل قيس عيلان وفيها استحلّ المتنازعون كل ما هو محرم ... واستمرت "4" سنوات.
وأيضاً ثمة حرب تُعرف باسم "حرب بُعاث" وهي آخر معركة من معارك الأوس والخزرج في مدينة يثرب .. ولا شك أن المتابعين يعرفون أن حروب الاوس والخزرج دامت "140" عاماً بدأت بحرب سميت بحرب "سمير" وانتهت بحرب "بُعاث".
ونصل إلى حرب البسوس التي نشبت بين قبيلة تغلب بن وائل وبين قبيلة بني شيبان والتي كان سببها قتل ناقة البسوس ما ادى إلى حرب استمرت "40" عاماً ..
وهناك حرب لا بد من ذكرها وهي "حرب بني اصفهان" التي صنفت من أكثر الحروب دموية في التاريخ ووقعت هذه الحرب ثأراً لـ عروة القزويني لأخته وأخويه  .. 
دامت هذه الحرب "77" سنة من القتل والدم ...



ويكفي لبيان ذلك ذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم عن عياض بن حمار رضي الله عنه، فإنه عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث وضح حال الأرض قبل بعثته صلى الله عليه وسلم، فقال: (إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم، إلا بقايا من أهل الكتاب)، وصل حال الأرض إلى حالة من التردي والضياع الشديد، إلى الدرجة التي يمقتهم فيها الله عز وجل، والمقت هو شدة الكراهية، وكلمة (بقايا) توحي بأنهم مجرد آثار، وليس ثمة أثر مباشر لهم في واقع الناس، وهذه البقايا لم تكن مجتمعات، يعني: ما كانت مثلاًَ مجتمعاً صالحاً في مكان ما على الأرض، بل كانوا أفراداً معدودين، رجل في مدينة، ورجل في مدينة أخرى يبتعد عنه مئات أو آلاف الأميال، وهكذا

 

 

.

هل حال الأمم المختلفة في الأرض الآن لا يحتاج إلى تقويم إلهي وتعديل رباني وهداية سماواية وشريعة إسلامية؟ 

إن الناظر إلى حال الأرض في زماننا يرى الأوضاع شديدة الشبه بما كانت عليه قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، يرى الجرائم الأخلاقية، والانحراف في السلوك وصل إلى درجات شنيعة،

تجد شعوباً كاملة غارقة تماماً في الجنس والإباحية والشذوذ، 

فمعدل الزنا في أمريكا تحت (١٨) سنة مراهقين وصل إلى (٥٥%)، في إنجلترا (٦٥%)، 

في العالم الإسلامي معدلات الزنا في ارتفاع رهيب، لكن الحمد لله ما زال المجتمع المسلم لا يسمح بالمجاهرة بمثل هذه الفواحش وإن كانت موجودة، والكل يلاحظ الإباحية التي تنتشر بلا حدود في وسائل الإعلام والشوارع والجامعات والأندية، ناهيك عن الشواطئ وحمامات السباحة.

العنف في الأرض في ازدياد ملحوظ، جرائم القتل والاغتصاب والسرقة بالإكراه والخطف منتشرة بشكل بشع، نوعيات الجرائم البشعة والتعذيب في السجون، والقتل الجماعي تنتشر بأشكال رهيبة في الأرض، الحروب الظالمة وأكل أموال الشعوب أصبح ظاهرة في كل بلاد الأرض، 

وللأسف العالم الإسلامي من أكثر المناطق تعرضاً لهذه الحروب ولهذا الظلم، وأحياناً الظلم يأتي من الأقربين، ولا يلزم أن يكون من محتل شعره أصفر وعينه زرقاء، لا، الظالم قد يكون من نفس بلد المظلوم، 

وتأمل حال إفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية فهي تعيش دكتاتورية وقهراً وبطشاً في كل مكان من أمريكا وأوروبا، وإن كانت بلاداً ديمقراطية إلا أنها ما زالت استعمارية، نعم تغيرت أشكال الاستعمار لكنها ما زالت استعمارية، فحروب الفرس والرومان القديمة لم تكن تحمل وحشية حروب أمريكا وإنجلترا وفرنسا وروسيا والصرب وغيرهم، 

فأمريكا قتلت في هيروشيما وناجازاكي أكثر من مائتي ألف مدني، في (٦) أغسطس (١٩٤٥م)، وفي (١٩) مارس من نفس السنة قتلت أمريكا ثمانين ألف ياباني مدني بقنابل النبالم المحرمة، رمتها طائرات البي (٢٩) على طوكيو، وهذا لم يشتهر؛ لأن موضوع القنبلة النووية غطى على كل شيء.

وقتلت أمريكا مليون ونصف كوري وصيني من العسكريين، ومليون مدني في حرب كوريا سنة (١٩٥٠م) أرقام مهولة.

وقتلت أمريكا من ثلاثة إلى أربعة ملايين فيتنامي في الحرب الفيتنامية من سنة (١٩٦٣م - ١٩٧٥م) أعنف حرب إبادة في التاريخ، 

ناهيك عما رأيناه في العراق وأفغانستان وغيرهما، ما سمعنا عن شيء مثل هذا في أيام الجاهلية الأولى. و مما لا شك فيه ان  المسلمون لن ينسوا صور المجندةين الأمريكيين ومافعلوه بسجناء أبو غريب عندما غزوا العراق.  


كذلك حروب الصرب وروسيا والهند حروب رهيبة، وللأسف القتلى كلهم من المسلمين، حتى أمريكا والغرب لما ضربوا الصرب في كوسوفا رموا عليها آلاف الأطنان من القنابل المخصبة باليورانيوم المشع، والتي سيبقى أثرها في أراضي كوسوفا آلاف السنين، هذا إن كان في عمر الأرض بقية! 

فالوثنية في العالم باتت بشعة؛ لأن الغالب الأعم من أهل الأرض وثنيون، لو قسمت العالم إلى مسلمين ونصارى ويهود ووثنيين، فإن نسبة الوثنيين أعلى نسبة: ألف مليون في الهند يعبدون البقر والشجر والفئران الخ، 

مليار وثلاثمائة مليون في الصين ينكرون وجود الإله شيوعية ملحدة تماماً! 

روسيا ليست بعيدة عن الاعتقاد هذا، وإن كانت الشيوعية انتهت إلا أن معظم الشعب لا يزال ملحداً.

البوذية منتشرة في جنوب شرق آسيا واليابان.

إفريقيا فيها قبائل كثير جداً وثنية تماماً، يعبدون أصناماً وأشجاراً ونجوماً.

في بلاد أوروبا وأمريكا كثير من المحسوبين على النصارى أصبحوا ملحدين، ففرنسا تقول: أنا علمانية بحتة، وأمريكا كذلك علمانية بحتة، وألمانيا كذلك، وتركيا وتونس وغيرهما من بلاد المسلمين يقولون: نحن علمانيون.

رأينا في بلاد مسلمة من يعبد الشيطان مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الشيطان قد أيس أن يعبد بأرضكم هذه، ولكنه قد رضي منكم بما تحقرون) لكن في هذا الوقت بعض شباب وشابات المسلمين أعطوا الشيطان الذي كان قد يئس منه أمر لا يتخيله عقل.

بعد كل هذا ألا تشعرون أن العالم بأسره وليس العالم الإسلامي فقط يتجه إلى هاوية سحيقه



Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog