برّ الوالدَين
مقدمة
⇦ من الكتاب و السنة
⧫ولنا في رسول الله الأسوة الحسنة
قال: يا
رسول الله.
يا رسول الله، من أحق الناس بحسن الصحبة؟ قال:
اسمعوا لهدا الحذيث - واليسمع كل من ثحذثه نفسه بمعصية الله في والديه - وخاصة أمه.
- هل قال رسول الله أحق الناس بحسن الصحبة الأخيار من
الناس لكان صوابا – لا
- هل قال رسول الله أنا أحق الناس بحسن الصحبة أنا –
لا
- لأ والله
قال أمك - قال: ثم من؟ قال: أمك - قال: ثم
من؟ قال: أمك - قال: ثم من؟ قال: أبوك
أمك - ثم أمك - ثم أمك - , ثلاث
مرات ثم أبوك ثم أبوك
قال أهل العلم : قدمت الام على الأب لثلاثة أمور.
- للحمل
- والوضع
- والرضاعه
وهل هذا كل ما في الأمر؟
- لأ والله
·
فكم جاعت أمك وأعطتك وأنت
صغير
·
وكم بكت وتقطع قلبها
فراشك وأنت مريض
·
وكم من ليلة طال انتظارها خوفا
عليك وأنت بين الأصحاب سعيد
وكم مرةٍ جاعت وأعطتك قوتها *** حُنُوًّا وإشفاقاً وأنت
صغير
فضيعتها لما أسنت جهالةً *** وطال عليك الأمر وهو قصير
👈جاء رجل الى الحبيب المحبوب - قال يا رسولَ اللَّهِ إنِّي كنتُ أردتُ الجِهادَ معَكَ أبتغي بذلِكَ وجْهَ اللَّهِ والدَّارَ الآخرةَ .
الجهاد وما أدراكما الجهاد - وهل هناك أمر أعظم عند الله من الخروج
في سبيل الله.
أسمع :
هل سأله رسولَ اللَّهِ عن عدته - ولا عتاده - ولا خبرته من قبل في أمور الجهاد
- لأ والله.
أول سؤال سأله رسولَ اللَّهِ لهدا الرجل
أحيَّةٌ أمُّكَ ?
أحيَّةٌ أمُّكَ أحيَّةٌ أمُّكَ ?
قُال نعَم - قالَ
ارجَع فبِرَّها .
ثمَّ أتاهُ منَ الجانبِ الآخَرِ فقال يا رسولَ
اللَّهِ إنِّي كنتُ أردتُ الجِهادَ معَكَ أبتغي بذلِكَ وجهَ اللَّهِ والدَّارَ
الآخرَةَ
قالَ وَيحَكَ أحيَّةٌ أمُّكَ -قال
نعَم يا رسولَ اللَّهِ -قالَ فارجِع إليْها فبِرَّها
–
ثمَّ أتاهُ من أمامِهِ فقُال يا رسولَ اللَّهِ
إنِّي كنتُ أردتُ الجِهادَ معَكَ أبتغي بذلِكَ وجْهَ اللَّهِ والدَّارَ الآخرةَ
قالَ ويحَكَ أحيَّةٌ أمُّكَ قُال نعَم يا رَسولَ اللَّهِ
قالَ ويحَكَ الزَم رِجلَها فثمَّ الجنَّةُ.
الزَم رِجلَها فثمَّ الجنَّةُ.
فثمَّ الجنَّةُ.
يعلمنا رسول الله فقه العمل – وكم نحن أحوج لهدا
الفقه.
الجنة تحت أقدام الأمهات
- هل الجنة تحت أقدام المشاهير ؟
- هل الجنة تحت أقدام الرءساء؟
- هل الجنة تحت أقدام أصحاب النفود ؟
- هل الجنة تحت أقدام الملوك؟
- هل الجنة
تحت أقدام زوجتك ؟
- لأ والله
الجنة تحت أقدام الأمهات
قال
العلماء من أبواب الجنة باب الوالد أي الوالدين - وهذا الباب قد يدعى أناس عليه يوم القيامة أن
ادخلوا من هذا الباب فيدخلون الجنة عن طريق هذا الباب، الذين يدخلون من هذا الباب
هم أهل البر بالوالدين،
هل هدا كل ما جاءت به السنة.
👈واسمع هده القصة الغريبة
كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يسأل أهل اليمن كل موسم حج هل فيكم أويس ؟ فيحيبون لأ فينتظر الموسم المقبل. حتى لقيه في أحد مواسم الحج فطلب منه أن يستغفر له.
طلب منه أن يستغفر له، يستغفر لمن - لعمر رضي الله عنه أحد المبشرين بالجنة.
ما قصة ددا الرجل
ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعرف بأمره - كان يوصي الصحابة ، حين يلقوه أن يطلبوا منه أن يستغفر لهم ، وأنه إذا أقسم على الله لأبره. وكان يعيش في اليمن ،
اسمه أويس القرني اليماني أي من اليمن ، ، عاش في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ولكنه لم يره ، وذلك لأنه كان له والدة يقوم على أمورها ويتولى حاجاتها ، ويخدمها فكان بره بأمه يمنعه من السفر للحج ورؤية النبي صلى الله عليه وسلم ، حيث لم يكن هناك من يتولى أمر أمه عنه.
رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصي الصحابة أن يطلبوا من أويس أن يستغفر لهم. أنظر الى المرتبة العظيمة التي يمكن لبر الوالدين أن يوصلك اليها.
لأعجب في دلك.
⧫ وفي
كتاب الله الكريم يبيّن لنا الله تعالى أهميّة برّ الوالدَين في مواضع عدّةٍ .
¤- فقد عطف الله برّ الوالديَن على أهمّ أصول
الإيمان، وأعظم غايات الشريعة؛ وهو التوحيد ، وعدم الشرك به.
قال -تعالى-: (وَاعْبُدُوا اللَّـهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)،[٣]
¤- كما قرن شُكْره - وحَمْده على نِعَمه - بشُكر الوالدَين،فقال - تعالى-: (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ)،[٤] .
¤- كما حثّ الله -عزّ وجلّ النُّفوس على تذكّر الآلام التي عانتها الأمّ في الحَمْل والولادة،.
قال -تعالى-:(وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ)،[٥]
¤- وجعل الله تبارك و تعالى بر الوالدين من صفالت الأنبياء و أثنى على عددٍ منهم بسبب بِرّهم بآبائهم:
👈 فقال - تعالى- مادحاً نبيّه يحيى - قال فيه عليه السلام-:
(وَكانَ تَقِيًّا*وَبَرًّا بِوالِدَيهِ وَلَم يَكُن جَبّارًا عَصِيًّا)،[٦]
👈 كما بيّن نبيّ الله عيسى -عليه السلام- فَضْل الله عليه حينما جعله مباركاً بارّاً بوالدَيه - قال -تعالى-:
(وَجَعَلَني مُبارَكًا أَينَ ما
كُنتُ وَأَوصاني بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمتُ حَيًّا*وَبَرًّا بِوالِدَتي
وَلَم يَجعَلني جَبّارًا شَقِيًّا ).
- فهدا نبي الله ابراهيم عليه السلام - يعاقبه أبوه - يشتمه -
ويضربه - لا شيء الا انه دعاه الى توحيد الله - فيتوعده بكل غلظة وقسوة:
( أَرَاغِبٌ
أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ ۖ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ ۖ
وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا ) (46)
فانظر كيف كان جواب ابراهيم
كان الجواب بأرق العبارات:
( قَالَ
سَلَامٌ عَلَيْكَ ۖ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي ۖ إِنَّهُ كَانَ بِي
حَفِيًّا )(47)
يعلمنا ربنا من خلال ما وصل اليه إبراهيم الخليل عليه السلام
من اللطف في الحديث بما يجب أن نتحلى به من أدب و لين في الخطاب مع الوالدين:
أنظر
·
بدأ إبراهيم كلامه مع
أبيه - ، ولم يسمه باسمه (يا أزر...)، ولأحرى أن ينعته بنعت لايليق ... بل
ردد :
{ يا أبت …} - { يا
أبت …} - { يا أبت …} -...أبتدأ بذكر أبوته الدالة على
التوقير والأحترام وخفض الجناح.
· ثم بعد ذلك لم يخرج الكلام بصيغة الأمر( لا تعبد ) بل أخرج الكلام معه مخرج السؤال، فقال:{ لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا؟ }.
· ولم يقل له: إنك جاهل لا علم عندك - بل عدل عن هذه العبارة إلى ألطف عبارة تدل على هذا المعنى، فقال: { جاءني من العلم ما لم يأتك }. وكانه يلتمس له العدر-
قال: إن معى طائفة من العلم وشيئا منه ليس معك.
· ثم قال له كلاو الخائف و المشفق على أبيه من أن تموت على كفرة فيمسة العذاب.: { يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا } -
· ومع الرد القاسي لوالده
( أَرَاغِبٌ
أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ ۖ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ ۖ
وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا ) .
·
كان جواب إبراهيم عليه السلام لال مثيل له في الرفق:
( سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفياً، وأعتزلكم وما
تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى ألا أكون بدعاء ربي شقياً ) .
أبوك أبوك - ولو كان مجرما فاجرا.
أمك أمك - ولو كانت عاهرة فاسقة.
أخرج الإمام مُسلم عن أسماء بنت أبي بكرٍ- رضي الله
عنهما - أنّها قالت:
(قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهي مُشْرِكَةٌ في
عَهْدِ قُرَيْشٍ إذْ عَاهَدَهُمْ فَاسْتَفْتَيْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عليه وسلَّمَ، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهي رَاغِبَةٌ،
أَفَأَصِلُ أُمِّي؟
قالَ: نَعَمْ، صِلِي أُمَّكِ ).
قال تعالى:
(وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ
حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ
لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ* وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي
مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا
مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ
فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)،[٢١]
⇦ وبيّن
لنا الله - تعالى- المرحلة التي يكون فيها الوالدين أحوج للبر بهما
1- عندما يبلغ الوالدين سن الكبر- وتكون حاجاتهما
الى الرعاية أكثر
- ويتضخ لنا هدا في قوله تعالى :
۞ وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوٓاْ إِلَّآ
إِيَّاهُ وَبِٱلْوَٰلِدَيْنِ إِحْسَٰنًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ ٱلْكِبَرَ
أَحَدُهُمَآ أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّۢ وَلَا تَنْهَرْهُمَا
وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ۞
فمع افراده
سبحانه وتعالى وحده بالعبادة، أمر بالإحسان إلى الأب والأم، وخاصة في حالةُ
الشيخوخة، فلا تضجر- ولا تستثقل شيئًا تراه من أحدهما أو منهما - ولا ترفع صوتك
امامهما - ولا تسمعهما قولا سيئًا - حتى ولا التأفيف الذي هو أدنى مراتب
القول السيئ - ولا يصدر منك إليهما فعل قبيح - ولكن ارفق بهما - وقل لهما دائما
قولا لينًا لطيفًا. ففي هده المرحلة أبوك و أمك
شيوخ شابت شعورهم - وتجعدت جلودهم.
احدودبت ظهورهم - وذهب
بصرهم.
عانوا - وتعبوا لكي تتوفر لك اسباب العيش الكريم.
ثم عندما أصبح لك المركز و المكانة في المجتمع
-تلقي بهم دور المسنين كما يلقى منديل الورق المستعمل في القمامه.
و تتمنى لهما الموت بعد أن امتصصت منهما كل رحيق الحياة.
أي فجور - أي قسوة - قلوب قاسية كالحجارة –
أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ۚ وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا
يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ
مِنْهُ الْمَاءُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ
أين البر - أين الحب - أين الحنان.
كلمة أف لا يقبلها منك الرحمان - فكيف بالقطيعة والعزل و
الهجران في مرحلة الشيخوخة التي يكون فيها الوالدين أحوج للبر يهما.
2 - عندما يموت الأب وتصبح الأم في أشد حاجة
الى حنان الأبناء
ولنتأمل بإمعان في الآيتين من سورة مريم:
* عندما جاء الكلام عن نبي الله يحيى قال تعالى :( وَبَرًّا
بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا )
* وعندما تكلم عن عيسى عليه السلام قال :(وَبَرًّا
بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا)
·
"عصيا" وردت
مع يحيى نتيجة عقوق الوالدين الأب و الأم
·
"شقيا" وردت مع عيسى
نتيجة عقوق أمه وهي ليس لها زوج يحميها ، فيكون عقوق الأم أشد ألما لها وهي
وحيدة لا أحد يحمي ظهرها… فيكون العاق لأمه شقيا - والشقي ان لم يتب - فهو في
النار. مصداقا لقواله تعالى :
(فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا
زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ - خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتْ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ
إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ)؟
⇦ لقد
أوجب الله تبارك وتعالى للوالدين حقوق
سمعنا بحقوق الطفل - وسمعنا بحقوق المرأة - وسمعنا بحقوق
الانسان - وسمعنا بحقوق الحيوان .
ولم نسمع بحقوق الوالدين
ومع أن البرّ بالوالدَين من المواضيع العظيمة التي أولتها
الشّريعة الإسلاميّة أهميّةً كبيرةً، خجل المسلمون أن
يدخلوا حقوق الوالدين ضمن الحقوق المنصوص عليها في المواثيق الدوليه أو
يجعاوا لها يوما كما جعلوا للحب يوم ولداء فقدان المناعة يوم ... الخ
مع أن العديد من الحقوق تترتّب للوالدَين يجب على
الأولاد ظمانها لهما.
نذكر منها على سبيل المثال لا على سبيل الحصر:
· تأمين
الطعام - الدواء - الكسوة.
· إجابة دعوتهما،
وطاعة أمرهما في المعروف. وخدمتهما الخدمات المتعدّدة، دون تفضّلٍ أو
مِنّةٍ.
· حسن
الخاطب، وحسن الحديث معها
· مُناداتهما
بلفظ الأبوّة.
· محبّة
ما تُحبّه النَّفس للوالدَين، وبغض كلّ ما تبغضه النّفس.
· الدُّعاء
لهما بالرحمة والغفران أحياءا و أمواتا.
⇦ والأن
وقد مات ابوك - وماتت أمك - وكنت مقصرا في حقهما .
فهل أسدل الستار وهل من عمل تدركك رحمة ربك به ؟.
من عدل الله - ومن جود الله - ومن كرم الله - أنه جعل البر بالوالدين
موصول حتى من بعد الموت.
عن
أبي أُسَيْدٍ - مالك بن ربيعة الساعدي رضي الله عنه قال:
بَيْنا نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ جاءه رجل
من بني سلمةَ فقال: يا رسول الله، هل بقي مِن برِّ أبويَّ شيءٌ أبَرُّهما به بعد
موتهما؟ فقال: ((نعم، الصلاةُ عليهما،
والاستغفار لهما، وإنفاذُ عهدِهما من بعدهما، وصلةُ الرحم التي لا تُوصَلُ إلا يهما،
وإكرامُ صديقِهما))؛ رواه أبو داود.
والنفصل
في ما جاء في قول رسول الله.
قال صلى الله عليه وسلم: عليهم.
·
أولا ((نعم، الصلاةُ عليهما)) يعني الدعاء لهما، وليس
المراد صلاة الجنازة، بل المراد الدعاء، فالصلاة هنا بمعنى الدعاء، وهي كقوله
تعالى:
﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ
صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ﴾ [التوبة:
103]،
وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتته الصدقة قال: ((اللهم صلِّ على
آل فلان))،
فقول النبي صلى عليه وسلم هنا: ((الصلاةُ عليهما)) يعني الدعاء لهما
بالصلاة، فيقول: اللهم صلِّ على أبويَّ، أو يدعو بدخول الجنة والنجاة من النار،
وما أشبه ذلك.
·
ثانا: ((الاستغفار لهما))، وهو أن يستغفر الإنسان
لوالديه، يقول: اللهم اغفر لي ولوالديَّ، وما أشبه ذلك، كما جاء في قول نوح
عليه السلام
رَّبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن
دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ
الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا – 28
· ثالتا: (( إكرام صديقهما )) إكرام صديقهما ، يعني إن كان لهما صديقٌ فأَكرِمْه، فإن هذا من برِّالوالدين.
· رابعا: ((إنفاذ عهدهما)) يعني إنقاذ وصيتهما.
·
خامسا: صلة الرحم التي لا صلة لك إلا بهما، يعني صلة
الأقارب؛ فإن هذا من برِّهما.
ففي الحديث الذي رواه ابن عمر -رضي الله عنه- قال:
(أنَّ رجلًا أتَى النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فقالَ يا رسولَ اللَّهِ إنِّي أصَبتُ ذنبًا عظيمًا فَهَل لي مِن تَوبةٍ قالَ هل لَكَ مِن أمٍّ؟ قالَ: لا، قالَ : هل لَكَ من خالةٍ؟ قالَ: نعَم، قالَ: فبِرَّها)
فهذه خمسة أشياء: الصلاة عليهما، والاستغفار
لهما، وإكرام صديقهما، وإنفاذ عهدهما، وصلة الرحم التي لا صلة لك إلا بهما، هذه من
برِّ الوالدين بعد وفاتهما. وكذلك الصدقة
لهما؛ فإن الصدقة تنفع الوالدين،
- لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يَمنع سعدَ بن
عبادة أن يتصدق لأمِّه، بل أَذِنَ له،
- ويروى : ((أنَّ
رجلًا قال للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: إنَّ أمِّي افتُلتَتْ نفسُها، وأظنُّها
لو تكلَّمَتْ تصدَّقَتْ؛ فهل لها أجرٌ إن تصدَّقتُ عنها؟ قال: نعمْ ))
أما الحج لهما أو العمرة ، أو الصلاة - بأن يصلي
الإنسان ركعتين ويقول: لوالديَّ - فهذا لم يأمُرْ به النبي صلى الله عليه وسلم ولا
أرشَدَ إليه، بل قال:
((إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثٍ:
صدقةٍ جارية، أو علمٍ ينتفع به، أو ولدٍ صالح يدعو له))، ولم يقل: ولد صالح
يصلِّي له، أو يحج له، أو يعتمر له، بل قال: يدعو له،
⇦ فضل
وثمرات بر الوالدين في الدنيا والآخرة
المسلم يحصد ثمار برّ الوالدين في الدنيا قبل
الآخرة:
البار بوالديه يعلو شأنه - ويطيب ذكره بين الناس - و يشرح
الله صدره - ويصلح له في ذريّته - ويجعل له نّورا تامّا في الدنيا
والآخرة . ويبارك الله له في عمره ورزقه - ويرزقه الله التّوفيق في
حياته.
قال النبي -صلى الله عليه وسلم:
(مَنْ سَرَّه أنْ يُعظِمَ اللهُ رِزْقَه، وأنْ
يَمُدَّ في أجَلِه، فَليَصِلْ رَحِمَه).
فبالبر بالوالدين تكفّر السيّئات - وتضاعف الحسنات
- وتفرّج الكرب - ويقبل الدعاء - وينال رضا الله - ويعثق من
النار.
فرضا الله تعالى من رضا الوالدين.
بر الوالدين من كمال الإيمان، وهو من أحبّ الأعمال إلى الله
-سبحانه - به يسبغ الله على المؤمن صفةً من صفات الأنبياء - صلوات الله عليهم
.
( إنَّ الرَّحِمَ شَجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ، فقالَ
اللَّهُ: مَن وصَلَكِ وصَلْتُهُ، ومَن قَطَعَكِ قَطَعْتُهُ ).[٢٥][٢٦]